القاعده الحلوه بتزيل هم كتير من جواه القلوب التعايانه طبعا
فى ظل أزمة فيروس كورونا الحالية وما تطرحه علينا من تساؤلات حول قدرة البشر على
تجاوز الأزمة وما تستثيره فينا من قلق حول مصير الإنسانية، يحق لنا أن نطرح السؤال
التالى: هل نحن على أبواب مرحلة تاريخية جديدة، وهل يمكن للفلسفة أن تساعدنا على استشراف
ملامح هذه المرحلة؟
تعبر الفلسفة عادة عن هموم وتطلعات عصرها. ولهذا ينقسم تاريخ الفلسفة الطويل إلى حقب تاريخية.
فلم يكن تاريخها نهرا ينساب فى هدوء، ولكنه حافل بضروب من القطيعة بين كل حقبة
وأخرى. فى الدرس الأكاديمى ينقسم تاريخ الفلسفة إلى أربع فترات: الفلسفة اليونانية، وفلسفة العصور الوسطى،
والفلسفة الحديثة وأخيرا الفلسفة
المعاصرة. تمثل الفلسفة اليونانية مرحلة يقظة العقل وتحرره من الأساطير التى يُطلق عليها أحلام يقظة
الشعوب. هى مرحلة التعرف على ماهية الموجودات. والماهية هى الإجابة عن السؤال ماهو؟ هكذا كانت
طبيعة موضوعات الفلسفة اليونانية: ماهو الوجود، ماهى الطبيعة، من هو الإنسان، ماهى الفضيلة، ماهى الدولة،
من هو المواطن؟
كما كانت الاجابات تنطلق من العقل وتستند إلى المنطق. وظهرت فى هذه المرحلة الأولى سمات
للفلسفة تميزها عن العلم من جانب والأدب من جانب آخر. فهى آراء متعارضة تختلف من
فيلسوف إلى آخر، ورغم ذلك لا تستبعد هذه الآراء بعضها البعض لأن تعددها يسهم فى
الإحاطة بجميع جوانب موضوع البحث.
فى قلب الإقليم الحاضن للفلسفة اليونانية وهو شرق البحر المتوسط ظهرت الأديان التوحيدية لتعلن على
الناس معتقدات جديدة: يوجد إله واحد خالق للكون، هذا الكون الذى يستمر بفضل العناية الإلهية
بالموجودات، وكل فرد من بنى البشر سوف يبعث بعد الموت ليحاسب على أعماله فى الدنيا.
آمن أغلب الناس فى شمال البحر المتوسط
بالمسيحية وفى جنوبه بالإسلام. وبدأت الفلسفة تعالج موضوعات جديدة لم تكن مطروحة فى الفلسفة اليونانية،
فهى تتعرض لتساؤلات عن طبيعة العلم الإلهى وهل الإنسان مسير أم مخير، وهى قضية تختلف
عن فكرة القدر الموجودة فى الفكر اليونانى، والعدل الإلهى وعلاقته بالحساب فى اليوم الآخر. تعرض
الإنتاج الفكرى للفلاسفة وعلماء اللاهوت وعلماء الكلام فى المسيحية والإسلام لهذه القضايا على مدى قرون
طويلة.
انتبه الإنسان إلى أنه انشغل بآخرته عن دنياه، وأن عقولا جبارة عكفت على مناقشة قضايا
تأملية يصعب حسمها والوصول فيها إلى يقين. ومن هنا بدأت الفلسفة الحديثة بلفت الأنظار إلى
ضرورة المعرفة العلمية بالعالم وظواهره، والاستفادة من هذه المعرفة فى زيادة قدرة الإنسان ورفاهيته. كان
على العقل إذن أن يصل إلى معرفة الحقائق
التى تفسرلنا ظواهر العالم. وكان عنوان كتاب ديكارت: مقال عن المنهج، بمثابة إعلان عن الهم
الجديد الذى سوف تنشغل به الفلسفة، وهو تحديد طبيعة المنهج الذى يمكننا من الوصول إلى
الحقيقة. ديكارت الذى كان عالما فى الرياضيات إلى جانب كونه فيلسوفا استمد الحقيقة من التفكير
العقلى فهى مطلقة وموضوعية وثابتة، ولهذا فهو يعد رائد المنهج العقلى. أما الفيلسوف الانجليزى جون
لوك الذى كان طبيبا فيستمدها من المدركات الحسية والتجربة،
ولذا فهى نسبية وذاتية ومتغيرة، وهو يعد من أعلام المنهج التجريبى. الفيلسوف الألمانى كانط أدرك
القصور فى كلا المنهجين وقام ببلورة منهج يؤلف بينهما وسماه المنهج النقدى. والمقصود بالنقد هنا
هو إبعاد العقل عن التخبط الذى ألم به فى مناقشته للقضايا الميتافيزيقية وتحديد المجال الذى
يمكّنه من إنتاج معرفة علمية.
اكتشاف داروين نظرية التطور وتسليط فرويد الضوء على اللاوعى والثورة الصناعية التى دفعت بجماهير العمال
إلى حالة من البؤس والشقاء، بالإضافة إلى الحرب العالمية الأولى التى كانت تجليا لاستخدام العلم
فى إتقان وسائل القتل والتدمير، كل هذا جعل الفلسفة تترك مشكلة المنهج وتهتم بأزمة الإنسان.
فى العصور السابقة كان هناك
اعتقاد بأن الإنسان يتجه إلى مزيد من الرقى والتحضر والكمال، ولكن القرن العشرين حمل معه
الاعتقاد بأن الإنسان يتجه إلى الهمجية والخراب. وهكذا انشغلت مذاهب الفلسفة الحديثة مثل الماركسية والوجودية
والبراجماتية بكيفية تجاوز الإنسان أزمته.
أزمة كورونا الحالية بالإضافة إلى أزمات سابقة عليها مثل أزمة البيئة وأزمة الطاقة والتفاوت بين
الشمال والجنوب كلها تدفع الإنسان دفعا لمساءلة طريقته فى التفكير ورؤيته للعالم. فهناك مبادئ رسخت
واكتسبت سمة اليقين يجدر أن تخضع للمراجعة: التخصص العلمى الدقيق فى مقابل النظرة الشاملة، الاهتمام
بالربح فى مقابل الحياة
الهادئة المطمئنة، النزعة الفردية فى مقابل التضامن الاجتماعى. حالة فوضى وأزمة عارمة تشبه دائما الفترة
التى ينبثق من داخلها نموذج إرشادى جديد، والمقصود به المبدأ الذى ينتظم وفقا له الفكر
والعمل والكيان الاجتماعى. ولكن يظل كل هذا فى إطار الاحتمال. من يدرى؟
مجلس الانسات هموم وتطلعات
ازمات نفسيه وعلم الفلسفه
