بن زريق :هو شاعر عراقي ادي العديد من القصائد منها خَطبٌ طُرقتُ به الزمان محيطة
والتي كلماتها بين ايديكم :
خَطبٌ طُرقتُ به الزمان محيطة
فَظُّ الحلول عليَّ غير شفيقِ
فكأنَّمَأ نُوبُ الزمان محيطة
بي راصدات لي بكلّ طريقِ
هل مُستجار من فضاضة جورها
أم هل أسير صروفها بطليقِ
حتى متى تنحلي عليَّ خطوبها
وَتُغِصّني فجعاتها بالريقِ
ذَهَبت بكل موافقٍ ومرافقٍ
ومناسبٍ ومصاحبٍ وصديقِ
وطريفةٍ وتليدةٍ وحبيرةٍ
صِينَت وركن للزمان وثيقِ
حتى بديكٍ كنتُ آلف قربهُ
حلو الشمائل في الديوك رشيقِ
ألقى عليه الدهر منه كَلكلاً
يفني الورى ويشتّ كل فريقِ
ورماه منه بحدّ سهم صائبٍ
لذخائر المستظهرين علوقِ
حزني عليه دائماً ما غرَّدَت
ورق الحمام ضُحَىً بذروة نيقِ
أَربيب منزلنا وَنَشوَ حجورنا
وغَذِيَّ أيدينا نداء مشوقِ
لهفي عليك أبا النذير لو أَنَّهُ
دَفَعَ المنايا عنك لهف متوقِ
وعلى شمائلك اللواتي ما نمت
حتى ذَوَت من بعد حسن سموقِ
لما نفعت وصرتَ عِلق مَضِنَّةٍ
ونشأتَ نَشَءَ المقبل الموموقِ
وتكاملت جُمل الكلام بأسرها
وحباك مَن حيَّاك كلّ مودّةٍ
لك من خليلٍ صادقٍ وصديقِ
وغدوتَ ملتحفاً بمرط حبرت
فيه بديع الوشي كفّ أنيقِ
كالجلنارة أو صفاء عقيقةٍ
أو لمعِ نارٍ أو وميض بروقِ
أو قهوةٍ تختال في بلورةٍ
بتأنق الترذيق والتصفيقِ
وكأنما الجاديُّ جاد بصيغةٍ
لك أو طلعت مضمخاً بخلوقِ
ولبستَ كالطاووس ريشاً لامعاً
متلألئاً ذا رونقٍ وبريقِ
من حمرة مع صفرة في زرقةٍ
تخفى بحليتها على التحقيقِ
عرض يجلّ عن القياس وجوهر
لطفت معانيهِ على التدقيقِ
وكانَّ سالفتيهِ تبر سائل
وعلى المفارق منك تاج عقيق
وكأنّ مجرى الصوت منك إذا جَفَت
وَنَبَت عن الأسماع بحّ حُلوقِ
نايٌ رقيقٌ ناعم قرّت به
نغم تؤلفه من الموسيقى
تزقو وتصفق بالجناح كمُنتشٍ
وصلت يداه النقر بالتصفيقِ
وتميسُ مُمتَطياً لسبع دجائجٍ
مثل المهارى أحدقَت بفَنيقِ
فَتُمُيرنا منهُنَّ بيضاً دائماً
رزقاً هنيئًا ليس بالممحوقِ
فيها بدائع صَنعَةٍ ولطائفٍ
أُلِّفنَ بالتهذيب والتوفيقِ
فبياضُها ورق وتِبرٌ مُحّها
في جوف عاج بُطّنَت بدبيقِ
خلطان مائيّان ما اختلطا على
سَيلٍ ومختلط المزاج رقيقِ
يغدو عليه من طهاه بِعُجَّةٍ
ويروحُ بالمشويّ والمصلوقِ
نعم لعمرك لو تدوم هنيئة
هل دام رزق لامرىءٍ مرزوق
ابكي إذا عايَنتُ ربعك مقفراً
بتحنُّنٍ وَتَفَجّع وشهيقِ
ويزيدني جزعاً لفقدك صادحٌ
في منزلٍ دانٍ إليَّ لصيقِ
فتأسّفي أبداً عليك مواصل
بسواد ليلٍ والتماع بروقِ
وإذا أفاق ذوو المصائب سلوةً
وتأسياً أمسيتُ غير مفيق
صبراً لفقدك لا قلىً لكن كما
صبر الأسير لشدّةٍ ولضيقِ
لا تَبعُدَن وان نَأت بك نيَّةٌ
في منزل نائي المزار سحيقِ
وَسَقى عظامك صَوب مُزن هاطلٍ
غَدَقٍ رعود في ثراك بروقِ
قصائد ابن زريق